اليابان | كلاب أكيتا في تراجع مستمر... هل يفقد اليابانيون رمزًا من تراثهم؟

كلاب سلالة أكيتا هي من الكلاب اليابانية الأصيلة التي تنحدر من محافظة أكيتا، وتمثل جزءاً من التراث الثقافي الياباني باعتبارها سلالة محمية. رغم حجمها الكبير، تتميز هذه الكلاب بالهدوء، ويمتاز فراؤها بنعومة الملمس، كما أنها معروفة بولائها الشديد لأصحابها. هذا الإخلاص هو ما جعل هذه السلالة تحظى بشعبية عالمية، حيث انتشرت محبة كلاب الأكيتا في جميع أنحاء العالم.

تعود أصول هذه السلالة إلى بدايات فترة إيدو في الثلاثينات من القرن السابع عشر. كان كبير أسرة أوبا، الذي حكم قلعة أوداتي وينحدر من فرع أسرة ساكاتي الحاكمة في إقطاعية أكيتا، يشجع على مقاتلة الكلاب بهدف تنمية الروح القتالية لدى أتباعه. ومن خلال هذا الاهتمام، بدأ في مزاوجة كلاب الصيد ماتاغي، التي كانت تستخدم في صيد الدببة المنتشر منذ القدم في منطقة توهوكو شمال شرقي اليابان، مع الكلاب المحلية، لتتطور السلالة تدريجياً.

تاريخ سلالة أكيتا يرتبط بشكل وثيق بثقافة الصيد الياباني التقليدي وتنمية الصفات القتالية، مما يجعلها جزءاً مهماً من تراث البلاد.

تأسست جمعية الحفاظ على سلالة أكيتا في عام 1927 بمدينة أوداتي بمحافظة أكيتا، بهدف حماية والحفاظ على سلالة الكلاب الأصيلة هذه. الجمعية ليست محدودة باليابان فقط، إذ تمتد أنشطتها إلى مستوى عالمي من خلال فروع لها في كل محافظة يابانية، بالإضافة إلى 11 ناديًا في دول مثل الولايات المتحدة، فرنسا، روسيا، الصين، وتايوان. تعمل هذه الفروع على إصدار شهادات النسب، تنظيم معارض، والانخراط في أنشطة مختلفة للترويج لسلالة أكيتا. كل عام، تجمع الجمعية بيانات حول عدد التسجيلات الجديدة لكلاب أكيتا سواء في اليابان أو خارجها.

واجهت سلالة كلاب أكيتا تحديات كبيرة خلال الحرب العالمية الثانية. نتيجة المصادرات العسكرية، تراجعت أعدادها بشكل كبير حتى أصبحت السلالة على حافة الانقراض مع بقاء عدد قليل منها بحلول نهاية الحرب. لكن بعد الحرب، عمل محبو الكلاب على إعادة إحياء السلالة من خلال التربية المكثفة، وبحلول عام 1972، بلغ عددها 46,225 كلبًا. ومع ذلك، بدأ هذا العدد في الانخفاض تدريجياً، ليصل إلى 2038 كلبًا فقط حول العالم بحلول عام 2011.

من بين الأسباب الرئيسية وراء هذا الانخفاض كان الطلب المتزايد على الكلاب الأصغر حجماً، نظراً لتغير بيئات السكن. كما ساهمت شيخوخة مربي الكلاب وقلة الخلفاء في تحمل مسؤولية تربيتها في تفاقم هذه الأزمة.

أدى فيلم ”هاتشيكو: حكاية كلب“ (2009) الذي قام ببطولته ريتشارد جير إلى موجة عالمية من الاهتمام بسلالة أكيتا إينو، مما ساهم في رفع العدد الإجمالي لهذه السلالة إلى 6671 كلبًا حول العالم بحلول عام 2017. ومع ذلك، ورغم هذا الاهتمام العالمي المتزايد، فإن الانخفاض في عدد كلاب أكيتا في اليابان ما زال مستمرًا. اعتبارًا من عام 2023، يوجد فقط 1832 كلب أكيتا في اليابان، وهو أقل من الرقم القياسي الأدنى السابق البالغ 1964 كلبًا في عام 2011.

هذا الانخفاض المستمر في اليابان يعكس التحديات المستمرة التي تواجه تربية هذه السلالة، مثل تغير أنماط الحياة وبيئات السكن التي تفضل الكلاب الأصغر حجماً، بالإضافة إلى نقص الخلفاء من المربين الذين يتولون مسؤولية الحفاظ على السلالة.

كما شاهدنا في فيلم ”هاتشيكو“، تُعرف كلاب أكيتا بولائها الشديد لأصحابها، لكنها في اليابان تحمل سمعة خاصة بأنها ”كلاب لمالك واحد“، وهو ما يعكس صعوبة تكيفها مع أشخاص جدد بعد ارتباطها الوثيق بصاحبها الأصلي. هذه الخاصية تجعل من غير النادر أن يتم التخلي عن هذه الكلاب أو إحضارها إلى ملاجئ الحيوانات، مما يزيد من احتمالية تعرضها للإعدام الرحيم في بعض الأحيان.

استجابة لهذا الوضع، تأسست منظمة ”One for Akita“ في عام 2018 بمدينة أكيتا، بهدف ليس فقط حماية هذه السلالة الشهيرة وزيادة عددها، بل أيضاً للتصدي لمشكلة التخلص من كلاب أكيتا المهجورة. تعمل المنظمة على جمع التبرعات حتى شهر أكتوبر/تشرين الأول كل عام لتمويل جهودها في إنقاذ الكلاب المهجورة، ونقلها إلى عائلات جديدة تتبناها، أو الاحتفاظ بها في منشآت خاصة مدى الحياة.

(النص الأصلي باللغة اليابانية. صورة العنوان: كلب أكيتا إينو في شيبويا، طوكيو، خلال حدث لإحياء الذكرى المئوية لميلاد الكلب الأيقوني هاتشيكو، الذي جذب سحره السياح من جميع أنحاء العالم. © كازوكي أوشي / سيفا الولايات المتحدة عبر رويترز)