لقد كان كل من أسانو تاكومينوكامي ناغانوري وماتسودايرا كاتاموري من الدايميو المشهورين في فترة إيدو. وكان ناغانوري الحاكم الثالث لمقاطعة أكو، بينما كان كاتاموري الحاكم التاسع لمقاطعة أيدزو. وعلى الرغم من أنهما عاشا في فترتين مختلفتين، إلا أنه كانت هناك نقاط مشتركة بينهما إلى جانب كون كل منهما ”حاكم إقطاعي“. حيث يقال إنهما وُلدا وترعرعا في إيدو لأن والدة كل منهما أُجبرت على البقاء في إيدو بسبب نظام سانكين كوتاي.
أسانو ناغانوري ليس ”ساموراي ريفي“
وهذا لا يقتصر على ناغورني وكاتاموري. حيث كان الحكام الإقطاعيون في ظل نظام حكومة إيدو الإقطاعية قد وُلدوا في مقرات إقامة المقاطعات في إيدو وترعرعوا فيها دون استثناء تقريبًا.
ويعود ذلك إلى أن حاكم المقاطعة كان يسافر ذهابًا وإيابًا بين المقاطعة وإيدو بموجب نظام سانكين كوتاي، ولكن أُمرت زوجته وأطفاله بالإقامة في إيدو. لقد كانوا رهائن فيها. وقد كان يُولد الوريث في إيدو وينشأ فيها كحاكم شاب.
من ”اللوحة الثالثة من لوحات تشويوغي شينروكو“. لوحة تصور ناغانوري وهو يقوم بالهجوم على كيرا. أثناء التحقيق معه يقال إن ناغانوري ذكر سبب قيامه بهذا العمل الفظيع قائلًا ”لقد كان لدي ضغينة شخصية تجاهه، وفقدت صوابي، وقمت بذلك بنية قتله“. لقد غاب عن ذهنه تمامًا مصير المقاطعة، ووجود أتباعه وسكان المقاطعة في ذلك الوقت. محفوظات الأرشيف الخاص بمكتبة محافظة طوكيو المركزية
وبعد أن ورث قيادة العائلة وتولى منصب حاكم المقاطعة، سافر ذهابًا وإيابًا بين المقاطعة وإيدو، تمامًا مثل والده، ووُلد أطفاله ونشأوا في إيدو أيضًا.
إنه نظام غريب نشأ نتيجة لسانكين كوتاي.
فالحاكم الشاب لا يعرف أي شيء عن ”مقاطعته“. وبالطبع، كان ”يسمع“ عن صفات المقاطعة وظروفها من قبل كبير مسؤولي المقاطعة أو مساعديه، ولكنه نشأ دون أن ”يرى“ المقاطعة فعليًا. وهذا مماثل تمامًا لقيام الجيل الثاني من نواب البرلمان في الوقت الحالي بوراثة الدوائر الانتخابية التي تقع في الأقاليم من آبائهم، ولكنهم وُلدوا ونشأوا في طوكيو.
فماذا كان يحدث للحاكم الشاب، الذي نشأ بهذه الطريقة، عندما كان يكبر ويصبح حاكمًا للمقاطعة؟
ليس من الصعب أن نتخيل أنهم كانوا يحبون إيدو وأنهم كانوا يتجنبون الريف.
وعندما أُتيحت لي الفرصة لإجراء مقابلة صحفية مع مؤرخ التاريخ الياباني الحديث الأستاذ أوئيشي مانابو (أستاذ فخري في جامعة طوكيو غاكوغي حاليًا)، تحدث الأستاذ أوئيشي بحماس عن صفات الحكام الإقطاعيين هذه قائلًا إنه بالنسبة لهم ”إيدو هي ”الوطن“، والمقاطعة هي ”المنفى““.
وأوضح أيضًا أن مثل هذه التدوينات يمكن العثور عليها هنا وهناك في كتب التاريخ.
وذكر أوغيو سوراي، العالم الكونفوشيوسي الذي خدم الشوغون الثامن توكوغاوا يوشيموني، في كتابه ”سيدان (نقاشات سياسية)“ أن ”جميع الدايميو الذين نشأوا في إيدو أصبحوا يعتبرونها وطنهم“.
كما يصف كتاب التاريخ الرسمي لحكومة إيدو الإقطاعية ”توكوغاوا جيكِّي“ الوضع الفعلي في النصف الثاني من فترة إيدو.
حيث يقول ذلك الكتاب ”نظرًا لأن جميع زوجاتهم وأطفالهم كانوا يقيمون في مقر الحكومة (إيدو)، فقد كانوا يستمتعون بالذهاب إلى إيدو أكثر من وجودهم في المقاطعات التي يحكمونها“.
ويقال إن أسانو ناغانوري، الذي كتبت عنه في البداية، قد تعرض لسخرية من قبل كيرا كوزوكينوسوكي باعتباره ”ساموراي ريفي“ وقام بضربه بالسيف في ممر ماتسو، ولكن كان ناغانوري ابن مدينة حقيقي، وُلد في مقر مقاطعة أكو في تيبُّوزو (حي تشوأو في مدينة طوكيو حاليًا).
”خريطة تسوكيجي هاتشوبوري نيهونباشي مينامي“. الجزء المحاط بالإطار الأحمر هو تيبُّوزو. المنطقة المحاطة بدائرة زرقاء كانت مقر إقامة مقاطعة أكو (الخريطة تعود إلى فترة زمنية بين فترة كائي (1848~1854) وفترة بونكيو (1861~1864)، لذا مقر مقاطعة أكو غير موجود في هذه الخريطة). المنطقة الملونة باللون الأحمر أسفل يسار تيبُّوزو هي معبد هونغانجي، ويقع بالقرب من منطقتي تسوكيجي وجينزا حاليًا. محفوظات مكتبة البرلمان الوطنية
ويصف سِجل سمعة الدايميو ”دوكاي كوشوكي“، الذي تم نشره خلال فترة غينروكو (1688~1704)، ناغونوري قائلًا ”لا يزال يعتمد على كبير مسؤولي المقاطعة فيما يتعلق بالأمور السياسية منذ أن كان صغيرًا وحتى بعد أن أصبح كبيرًا الآن“.
ويمكن معرفة أن ناغانوري لم يكن مهتمًّا بالأمور السياسية، أي بالشؤون السياسية للمقاطعة.
طبيعة ”المقيمين في إيدو“ التي انتقدها فوجيتا توكو
ومن ناحية أخرى، كيف نظرت المقاطعات إلى الحكام الإقطاعيين المتأثرين بإيدو والأتباع المقيمين في مقرات المقاطعات فيها يا ترى؟
يصف كتاب ”دوكاي كوشوكي“ أتباع مقاطعة هيرادو في منطقة هيزين (محافظتي ساغا وناغاساكي باستثناء جزيرتي إيكي وتسوشيما حاليًا) قائلًا ”إن الكثير من المقيمين في إيدو هم من المقيمين الجدد الذين وُلدوا فيها (من وجهة نظر مقاطعتهم). والحاكم الإقطاعي ماتسورا شيغينوبو يحب المظاهر الحسنة، لذلك فإن الكثير منهم مظاهرهم جميلة، ولكنهم يكرهون الذهاب إلى مقاطعة عائلتهم”.
لقد كان شيغينوبو أول حاكم لمقاطعة هيرادو، ووُلد في عام 1549، وتوفي في عام 1614. وكان دايميو من فترة سينغوكو (المقاطعات المتحاربة) إلى أوائل فترة إيدو. وأصبح الدايميو يحضرون من جميع أنحاء البلاد إلى إيدو بعد انتصار إيياسو في معركة سيكيغاهارا (عام 1600)، ولكن بعد مرور 14 عامًا فقط، كان أتباع المقاطعة المقيمون في إيدو يكرهون العودة إلى مقاطعتهم. ومن الطبيعي أن مقاطعتهم كانت تكرههم أيضًا.
وبالانتقال سريعًا إلى نهاية فترة حكومة إيدو الإقطاعية، فقد ذكر فوجيتا توكو الذي كان العقل المفكر للحاكم الإقطاعي لمقاطعة ميتو توكوغاوا ناري أكي في كتابه ”هيتاتشي أوبي” أن ”الأشخاص المقيمين في إيدو (الأتباع المقيمون في مقر المقاطعة في إيدو) سخروا من سكان ميتو باعتبارهم من سكان الريف، وأن أتباع المقاطعة في ميتو نعتوا المقيمين في إيدو بأنهم أشخاص تافهون فذلك عائق للشؤون السياسية للمقاطعة“، وانتقد فوجيتا الخلاف بين المقيمين في إيدو وأتباع المقاطعة باعتباره يعيق إدارة شؤون المقاطعة.
وعلاوة على ذلك، انتقدهم بشدة قائلًا إن طبيعة المقيمين في إيدو هي ”المكر“، وإنهم يفتقدون إلى روح ”غوكيبوكوتوتسو (قوة الإرادة وعدم التصنُّع)“.
لقد كان حاكم مقاطعة ميتو دايميو مستقر في إيدو، ولكن من المرجح أنه تم توجيه انتقادات مماثلة للمقاطعات الأخرى.
(يسار) صورة فوجيتا توكو من كتاب ”صور تخيلية لشخصيات مقاطعة ميتو“، و(يمين) ماتسودايرا كاتاموري من كتاب ”تاريخ ثمانين عامًا من استرجاع ذكريات نهاية فترة إيدو، وميجي، وتايشو“ محفوظات مكتبة البرلمان الوطنية
وقد تم تصوير ماتسودايرا كاتاموري، الحاكم التاسع لمقاطعة أيدزو، والذي قام تانومو بخدمته، في الأعمال الدرامية التاريخية لتلك الفترة على أنه حاكم أخرق ولكن لديه ”ولاء“ كبير للغاية للحكومة الشوغونية. إلا أنه كان هناك رأي مختلف عنه في المقاطعة.
وفي الأساس كان كاتاموري من عائلة ماتسودايرا التي كانت تحكم مقاطعة تاكاسو في منطقة مينو (جنوب محافظة غيفو حاليًا). وقد تم تبنيه في مقاطعة أيدزو، التي كان يحكمها الأخ الأصغر لوالده. والسرد بهذه الطريقة يعطي انطباعًا بأنه ذهب بعيدًا عن مينو إلى أيدزو، ولكن وفقًا للأستاذ أوئيشي المذكور آنفًا، فقد انتقل من مقر إقامة مقاطعة تاكاسو الذي كان يوجد في يوتسويا في إيدو (حي شينجوكو في طوكيو حاليًا) إلى مقر مقاطعة أيدزو في واداكورا موناي (حي تشيودا في طوكيو حاليًا).
وفي مقر إقامة المقاطعة في إيدو، تم غرس مبدأ عائلة أيدزو، المتمثل بالطاعة المطلقة لعائلة توكوغاوا، فيه بشكل كامل. وفي عام 1851، وعندما كان في السادسة عشرة من عمره، عاد لأول مرة إلى مقاطعة عائلته، وتولى منصب حاكم المقاطعة في العام التالي لعودته.
وكان الحاكم الشاب، المليء بالولاء والفخر للحكومة الشوغونية، يتطلع أيضًا إلى صنع اسم لنفسه في الحكومة المركزية. وفي عام 1862، تم تعيينه في منصب القائد العسكري لكيوتو، وألقى بنفسه في حالة من عدم الاستقرار في نهاية فترة إيدو، وقام بإنفاق أموال المقاطعة في كيوتو بالإضافة إلى إنفاقها في إيدو.
وقد عانى سكان المقاطعة من الضرائب السنوية. فكيف كانت صورة كاتاموري بالنسبة لهم يا ترى؟
حتى عندما قام تانومو كبير مسؤولي المقاطعة بنصحه فإنه لم يستمع له. وعندما قام جيش الحكومة الجديدة بغزو أيدزو فيما بعد، تحمل تانومو مسؤولية الهزائم مثل الهزيمة في معركة شيراكاواغوتشي، وتم نفيه عن المقاطعة.
نظام سانكين كوتاي هو أصل التركيز الأحادي القطب في طوكيو
ولادة حاكم إقطاعي يعيش في إيدو (أو حتى كيوتو في حالة كاتاموري) ولا يعرف شيئًا عن مقاطعته. ومساعدون يطيعون حاكم المقاطعة البعيد عن مقاطعته ويستمتعون بحياة المدينة. لقد كان هناك فجوة لا يمكن ردمها بينهم وبين مقاطعاتهم.
وكان هذا أكبر ضرر لنظام سانكين كوتاي.
ولم يكن كل ذلك أشياء فرضتها الحكومة الشوغونية عليهم على الإطلاق. فعلى الرغم من حقيقة أن جعلهم لزوجاتهم وأطفالهم يقيمون في إيدو كرهائن كان سببًا في حدوث مشاكل مختلفة، إلا أنه كانت هناك مشاكل أخرى في كل مقاطعة من المقاطعات مثل عدم التمكن من تربية الابن الأكبر لحاكم المقاطعة، الذي وُلد ونشأ في إيدو، على الاهتمام بشؤون المقاطعة، وأيضًا عدم التمكن من تقييد الإنفاق في مقر الإقامة في إيدو.
وقد تكون جذور تلك المشاكل هي أسلوب الحياة الفخم الذي تمتعوا به في إيدو، والغرور والتباهي في محاولة الحفاظ على نمط الحياة هذا.
ومن أجل تحسين وضعها المالي، سعت المقاطعات إلى إيجاد طرق لخفض التكاليف والاقتصاد في نفقات مقر إقامتها في إيدو. ولكن، كانت هناك حالات قليلة فقط سارت فيها الأمور على ما يرام كمقاطعة يونيزاوا خلال فترة حكم أويسوغي يوزان لها.
وهكذا، ربما يكون أصل ”التركيز الأحادي القطب“ لطوكيو حيث أصبحت مركز السياسة والمال والأشخاص وكل شيء آخر، هو سانكين كوتاي في فترة إيدو.
المراجع: ”الحكم والإصلاح في اليابان الحديثة“ (دار يوشيكاوا كوبونكان للنشر)
لقد كان هذا الجزء الأخير من سلسلة ”حقائق وأكاذيب حول سانكين كوتاي“. شكرًا جزيلًا لكم على القراءة.
صورة العنوان الرئيسي: رسم توضيحي لموكب سانكين كوتاي لحاكم مقاطعة أيدزو. في الزاوية اليمنى العليا يوجد جبل بانداي، وفي وسط الصف الثاني توجد حمَّالة يركب فيها الحاكم الإقطاعي. وهي قطعة فنية رائعة تصور بدقة موكب فوداي دايميو الذين لعبوا ”دورًا مركزيًا“ في شمال شرق اليابان. عمل فني من النصف الثاني لفترة إيدو. محفوظات مكتبة أيدزو في مدينة أيدزو واكاماتسو
كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | أكبر ضرر لسانكين كوتاي هو تنشئة حكام إقطاعيين شباب لا يهتمون بمقاطعاتهم لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
أخبار متعلقة :