تُعد البرازيل لاعبًا مميزًا في السياسة الدولية، حيث تتبنى رؤية لعالم متعدد الأقطاب قائم على العدالة والمساواة بين الدول، وليس مجرد ساحة تهيمن عليها القوى الصناعية الكبرى. تلتزم البرازيل بالقانون الدولي واحترام حقوق الإنسان، وتسعى إلى بناء علاقات متوازنة مع مختلف الدول، مع الحرص في الوقت ذاته على الحد من النفوذ الأمريكي في أمريكا اللاتينية. لكن في المقابل، فإن شراكتها المتنامية مع الصين في مجالات عدة تثير قلقًا متزايدًا في اليابان والغرب. في هذا المقال، نسلط الضوء على سياسات البرازيل الخارجية وتأثيراتها المحتملة على النظام العالمي والدول المجاورة في أمريكا اللاتينية.
زعيمة الجنوب العالمي
لقد أكدت البرازيل مراراً وتكراراً على تبنيها لسياسة خارجية مستقلة، وذلك من خلال مشاركتها النشطة في الدبلوماسية المتعددة الأطراف ورفضها التبعية لأي قوة كبرى. فمنذ عقود، كانت مقاومة النفوذ الأمريكي في أمريكا اللاتينية تمثل أولوية دبلوماسية قصوى للبرازيل، إذ سعت الحكومات المتعاقبة إلى تعزيز دور البلاد كلاعب مستقل في النظام الدولي. إلا أن هذا النهج بدأ يشهد تحولاً مع بداية القرن الحادي والعشرين، في ظل تراجع النفوذ الأمريكي وصعود الاقتصادات الناشئة.
في عهد الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أو ”لولا“ (2003-2011)، المنتمي إلى حزب العمال اليساري، تبنت البرازيل سياسة خارجية أكثر جرأة واتساعاً. وبدلاً من الاقتصار على الدفاع عن المصالح الإقليمية، عملت على إعادة تشكيل دورها العالمي من خلال تعزيز قيادتها في الجنوب العالمي. فقد لعبت دورًا محوريًا في منتديات دولية مثل مجموعة البريكس (التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) ومجموعة العشرين، مما منحها نفوذاً جديداً في السياسات الاقتصادية العالمية.
غير أن هذا المسار لم يكن مستقراً، فقد تعرض حزب العمال لهزات سياسية قوية بسبب قضايا الفساد التي أثرت على شعبيته، ما دفع الناخبين إلى التصويت ضده في 2018، مفضلين الإدارة اليمينية المتطرفة لجايير بولسونارو (2019-2022). وخلال فترة حكمه، أعاد بولسونارو توجيه السياسة الخارجية البرازيلية نحو واشنطن، محدثًا تحولًا كبيرًا عن نهج لولا السابق، حيث اتخذ مواقف أكثر تقاربًا مع الولايات المتحدة ومعارضة للصين.
إلا أن فوز لولا بالرئاسة مجددًا في عام 2023 أعاد البرازيل إلى نهجها الدبلوماسي التقليدي القائم على التوازن بين القوى الكبرى. فرغم تقدمه في العمر ووضعه الصحي، عاد مفعمًا بالحماس لإعادة ترسيخ دور بلاده كقوة عالمية مستقلة. وركزت حكومته على تعزيز التعاون مع الدول الصناعية الكبرى، خاصة فيما يتعلق بقضايا المناخ والتنمية المستدامة، إلا أنها في الوقت ذاته دفعت باتجاه إصلاح النظام الدولي، الذي تعتبره منحازًا للدول الغربية التي أسسته عقب الحرب العالمية الثانية.
وفي هذا السياق، تبنت حكومة لولا موقفًا متقاربًا مع الصين في المنظمات الدولية مثل البريكس ومجموعة العشرين، وهو ما يُنظر إليه على أنه محاولة لخلق توازن استراتيجي بين الشرق والغرب. ومع ذلك، لم تغفل البرازيل عمقها الإقليمي، حيث واصلت تعزيز العلاقات مع دول أمريكا اللاتينية ضمن توجهها لإحياء التكامل الاقتصادي والسياسي في المنطقة.
تمثل اليابان أحد الشركاء الاقتصاديين والتجاريين الرئيسيين للبرازيل، حيث ترتبط الدولتان بعلاقات قوية تمتد لعقود، مدفوعة بروابط اقتصادية وثقافية، فضلاً عن وجود جالية يابانية كبيرة في البرازيل تُعد الأكبر في العالم خارج اليابان.
ومع توجه لولا نحو تعزيز دور البرازيل العالمي، من المتوقع أن تشهد العلاقات بين البلدين فرصًا وتحديات جديدة. فمن جهة، يمكن لتقارب البرازيل مع الصين أن يؤثر على ميزان القوى في التعاون البرازيلي-الياباني، خاصة مع المنافسة الاقتصادية بين طوكيو وبكين في أمريكا اللاتينية. ومن جهة أخرى، فإن التزام لولا بقضايا التنمية المستدامة ومكافحة التغير المناخي يتماشى مع الأجندة اليابانية، مما يفتح المجال لتعزيز التعاون في الطاقة المتجددة والاستثمارات الخضراء.
في ظل هذه التغيرات، ستعتمد مستقبل العلاقات البرازيلية-اليابانية على قدرة البلدين على إيجاد نقاط التقاء وسط المشهد الجيوسياسي المتغير، بما يضمن استمرار التعاون الاقتصادي والاستراتيجي بينهما في السنوات المقبلة.
صعود نجمي البرازيل والأرجنتين
لقد انخرطت القوى الناشئة التي تشكل مجموعة البريكس في صراع مستمر على زعامة المجموعة، مدفوعة بقيم ومصالح متباينة. كما أن انضمام إيران ومصر وإثيوبيا والإمارات العربية المتحدة إلى مجموعة البريكس المكونة من تسعة أعضاء لم يضف إلا إلى التنوع الإيديولوجي والاقتصادي للمجموعة، مما يجعل من الصعب أكثر من أي وقت مضى متابعة أجندة واحدة متماسكة.
في الأصل، كانت الأرجنتين من بين الدول التي تسعى للانضمام إلى هذا الإطار، ذلك لأنها، مثل البرازيل، عضو كامل العضوية في السوق المشتركة الجنوبية، أو ميركوسور (جنبًا إلى جنب مع بوليفيا وباراغواي وأوروغواي)، وبالطبع دعمت البرازيل محاولة الأرجنتين للانضمام إلى مجموعة البريكس، حرصاً من الأولى على تجنيد حليف قوي ينتهج سياسات متسقة.
وقد كان نظام حزب العمال برئاسة لولا وخليفته ديلما روسيف، متزامنًا بشكل وثيق مع تولي نستور كيرشنر وكريستينا دي كيرشنر (2003-2015) من حزب اليسار البيروني (حزب العدالة رسميًا) زمام الأمور في الأرجنتين. في ذلك الوقت كان هناك تقارب أيديولوجي قوي بين الحكومتين البرازيلية والأرجنتينية، وهما القوتان اللتان شاركتا في نشر ”المد الوردي“ في السياسة داخل أمريكا اللاتينية. كان البلدان ينتقدان الاتجاه العالمي نحو الليبرالية الجديدة. بالإضافة إلى ذلك، تقاسم البلدان مناخًا أيديولوجيًا غذى نمو نظرية التبعية، التي تدعو إلى التحول بعيدًا عن النظام الرأسمالي لكونه يدعم ثروة وقوة الغرب الصناعي.
بعد ذلك، تولى ألبرتو فرنانديز من الحزب البيروني (2019-23) السلطة في الأرجنتين خلال الفترة التي كان فيها حزب العمال خارج السلطة في البرازيل، فضغطت إدارة فرنانديز من أجل حصول الأرجنتين على عضوية في مجموعة البريكس بينما كانت تعزز علاقاتها مع بكين. لكن النظام البيروني وقع ضحية لعدم الاستقرار المالي المزمن في الأرجنتين، نتيجة للإنفاق الحكومي المفرط والديون المرهقة. ومع اقتراب موعد التخلف عن السداد وارتفاع التضخم إلى ما يقرب من 200%، صوتت الأمة لليميني المحافظ خافيير ميلي ليتولى السلطة في عام 2023 ويشرع في تبني سياسات خارجية مؤيدة لأمريكا ومعادية للصين. وقد تباهى ميلي بتمرير عضوية بلاده في مجموعة البريكس +، على الرغم من أن محاولة الأرجنتين الأولى للانضمام كانت قد تمت الموافقة عليها بالفعل.
اليوم، هناك عدد قليل من دول أمريكا اللاتينية، بخلاف البرازيل، مستعدة وقادرة على متابعة دبلوماسية الجنوب العالمي القوية. جدير بالذكر أن المكسيك كانت قوة رائدة في العالم النامي خلال الحرب الباردة، ولكن منذ ذلك الحين أصبح اقتصادها متشابكًا بشكل وثيق مع اقتصاد الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، تظل العلاقة مع واشنطن محورية بالنسبة للسياسة الخارجية المكسيكية بغض النظر عن الحزب الحاكم. ولا يفوتنا هنا ذكر فنزويلا التي كانت حاملة الشعلة الرئيسية لليسار المناهض لأمريكا في المنطقة في عهد الرئيس الاشتراكي هوغو شافيز (1999-2013). ولكن عندما تولى خليفة شافيز، نيكولاس مادورو (2013 حتى الآن)، السلطة، تدهور النظام السياسي، وتحولت البلاد إلى دكتاتورية سيئة السمعة لقمعها الوحشي لحقوق الإنسان، ومثل نيكاراجوا، أصبحت الآن منبوذة من قبل الكثير من دول المنطقة والمجتمع الدولي. في ظل نظام الرئيس فيدل كاسترو، تمتعت كوبا اليسارية تاريخيًا بمكانة مرموقة في أمريكا اللاتينية، لكنها اليوم تكافح من أجل البقاء.
جذور الشراكة البرازيلية الصينية
في ظل هذه الظروف، اضطرت البرازيل إلى البحث خارج المنطقة عن حليف قوي في محاولتها لإصلاح الحوكمة العالمية. فقد كانت روسيا مشغولة للغاية بالحفاظ على مكانتها منذ غزوها لأوكرانيا. ولا تهتم الحكومة الهندية الحالية إلا بما يعود بالنفع المباشر على الهند. كما أن جنوب أفريقيا لا تملك أي رغبة حقيقية في ممارسة الزعامة، مما جعل الصين كقوة اقتصادية عظمى هي الشريك الواعد والأفضل. ومن جانبها، لطالما اعتبرت بكين البرازيل أولوية دبلوماسية قصوى في أميركا اللاتينية.
لقد توسعت التجارة بين البرازيل والصين بسرعة منذ بداية هذا القرن، وأصبحت الصين الآن أكبر شريك تجاري للبرازيل. تصدر البرازيل عدداً من السلع التي تحتاجها الصين، بما في ذلك فول الصويا وخام الحديد والنفط، كما تزود الصين البرازيل بالآلات والسيارات الكهربائية والألواح الشمسية والأجهزة الإلكترونية ومعدات الاتصالات وغيرها. وفي المقابل تستورد الصين الموارد المعدنية والسلع الزراعية من الأرجنتين وتشيلي وبيرو، ولكن من حيث الحجم، تتفوق البرازيل على شركاء الصين التجاريين الآخرين في أميركا اللاتينية. وعلى الرغم من أن الصين لا تزال تحتل مرتبة أدنى بكثير من عدد من الدول الغربية كمصدر للاستثمار الأجنبي المباشر في البرازيل، إلا أن استثماراتها نمت بشكل كبير منذ عام 2010. وكان تركيز هذا الاستثمار الأجنبي المباشر على استخراج النفط والأعمال الزراعية، لكن البرازيل رحبت أيضاً بالاستثمار الصيني في مشاريع البنية الأساسية، مثل أنظمة توزيع الطاقة.
لسنوات عديدة الآن، عملت البرازيل والصين على إنشاء علاقة تعاونية قوية تقوم على الاعتراف المتبادل بمواقع القيادة الإقليمية لكل منهما في العالم النامي. أقامت البرازيل علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية في عام 1974 ودخلت في تعاون اقتصادي مع الصين بعد أن بدأت الأخيرة في السعي إلى النمو الاقتصادي والتنمية التكنولوجية في ظل سياسة ”الإصلاح والانفتاح“. وامتد هذا التعاون أيضاً إلى مجالات التكنولوجيا الفائقة، كما يتضح في برنامج البحث والإنتاج المشترك لموارد الأرض باستخدام الأقمار الصناعية بين الصين والبرازيل، الذي تأسس في عام 1988. وفي عام 1993، أصبحت البرازيل أول دولة في العالم توقع شراكة استراتيجية مع الصين. وعندما كانت الصين تمارس ضغوطاً من أجل الحصول على عضوية منظمة التجارة العالمية، كانت البرازيل أول دولة تعترف بالصين كاقتصاد سوق.
في القمة الثنائية التي عقدت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، والتي أعقبت اجتماع مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، احتفل الرئيس لولا والرئيس شي جينبينغ بمرور 50 عاما على العلاقات الدبلوماسية ببيان يرفع شراكتهما الاستراتيجية العالمية إلى مستوى ”جديد ومتميز“.
لقد أبرمت البرازيل والصين العديد من الاتفاقيات في مجموعة واسعة من المجالات، مما أدى إلى قدر كبير من التكرار، الأمر الذي دفع البعض إلى التأكيد على الحاجة إلى تحديد الأهداف. كانت بكين حريصة على ضم أكبر دولة في أمريكا اللاتينية إلى مبادرة الحزام والطريق لتعزيز هيبة المبادرة، رغم عدم وجود ضرورة حقيقية لذلك فيما يتعلق بتعزيز العلاقات، فضلاً عن كون البرازيل حذرة من أي التزام قد يعرض استقلاليتها للخطر، وهو مبدأ أساسي في سياستها الخارجية. في القمة الثنائية التي عُقدت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وافق ”لولا“ و”شي“ في النهاية على ”التآزر المتبادل“ في كل من مسألتي مبادرة الحزام والطريق واستراتيجيات التنمية في البرازيل.
سياسة دس السم في العسل
اعتادت الحكومة الصينية على عدم الترويج للمبادرات الشاملة ورسم التفاصيل إلا بعد أن ينضم الشركاء بالفعل. ويتعارض هذا النمط من الدبلوماسية وعقد الصفقات مع النهج الدقيق والحذر الذي تتبناه اليابان، ولكن يبدو أنه يحظى بقبول جيد في العديد من بلدان أميركا اللاتينية، بما في ذلك البرازيل. حيث تتمتع عبارة ”الحزام والطريق“ على وجه الخصوص بقوة سحرية خاصة لرفع التوقعات المستقبلية في المنطقة. فقد أصدر الرئيس شي دعوته لأميركا اللاتينية للمشاركة في مبادرة الحزام والطريق في عام 2017، وباستثناء البرازيل (التي شاركت بالفعل في ترتيبات مماثلة)، سارعت حكومات المنطقة للإعلان عن موافقتها. وقد دقّت حكومة الولايات المتحدة والمحللون في جميع أنحاء العالم ناقوس الخطر بشأن ”دبلوماسية فخ الديون“ التي تنتهجها الصين، ولكن يبدو أن تحذيراتهم لم تجد لها آذانا صاغية. فقد تم افتتاح ميناء شانكاي في بيرو، الذي تم بناؤه بمساعدة مالية من الصين، في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ليتزامن مع اجتماع التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في ليما، قبل قمة مجموعة العشرين في ريو. ويحظى الميناء بقدر كبير من الاهتمام باعتباره مركز توزيع رئيسي جديد يربط بين آسيا وأمريكا الجنوبية.
لكن هناك مخاوف من أن يكون ما يصوره البعض على أنه صداقة مزدهرة بين البلدين ليس أكثر من مجرد حالة أخرى من حالات الخضوع للاستعمار الجديد. ويشير المنتقدون إلى حقيقة مفادها أن البرازيل، التي شهدت موجة من التصنيع في النصف الثاني من القرن العشرين ــ بما في ذلك تطوير الصناعات المتقدمة مثل صناعة الطيران والطاقة النووية ــ قد أدارت ظهرها للقطاع الصناعي وأهملته بشكل كبير، فأصبح اقتصادها معتمداً بشكل متزايد على تصدير السلع الأولية. ومن المؤكد أن تلبية الطلب الصيني ساعد البرازيل على الحفاظ على النمو الاقتصادي السريع والفائض التجاري، في حين حفزت الاستثمار المرتبط بذلك. لكن في الوقت نفسه، تعاني الصناعات التحويلية في البلاد من الركود، كما أن المنتجات التي كانت تصدرها ذات يوم إلى بلدان أخرى في المنطقة بموجب اتفاقيات التجارة الحرة حل محلها سلع مصنعة في الصين. والواقع أن هذه الديناميكية تذكرنا بالعلاقة السابقة بين المنطقة والولايات المتحدة، والتي انتقدها خبراء الاقتصاد في أميركا اللاتينية باعتبارها ”استعماراً جديداً“. لقد تم الترويج لصادرات الصين من السيارات الكهربائية والاستثمارات في طاقة الرياح والطاقة الشمسية باعتبارها مفاتيح لانتقال البرازيل إلى الطاقة المتجددة وتحقيق انبعاثات كربونية صفرية. لكن الاستثمار الصيني في الأعمال الزراعية واستكشاف النفط ساهم في إزالة الغابات وتدهور البيئة، لا سيما في الشمال الشرقي. حيث أصبح لقطاع الأعمال الزراعية المربح للغاية في البرازيل، مع جماعات الضغط القوية، تأثيرًا مفسداً على سياسة البلاد، إذ أبرمت الجامعات والمعاهد البحثية البرازيلية، التي أغرتها عروض الأموال التي هي في أمس الحاجة إليها، العديد من الاتفاقيات مع الشركات المملوكة للدولة الصينية والتي تمنح الصين الحق في نتائج البحث، مما يجعل من غير المرجح أن تستفيد البرازيل من أي تقنية أصلية يتم ابتكارها.
هناك أيضاً قضية التوافق في المجالات غير الاقتصادية. ففي الساحة الدبلوماسية، دعت البرازيل منذ فترة طويلة إلى زيادة عدد المقاعد الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو هدف مشترك تدعو إليه كل من اليابان والهند ولكن تعارضه الصين، التي تتمتع بالفعل بامتيازات العضوية الدائمة. أما عن أوجه الاختلاف الأخرى فهي تنبع من الاختلافات الإيديولوجية الأساسية. فالبرازيل في الأساس بلد يحترم حقوق الإنسان و يمتثل للقانون الدولي. لكن في ظل إصرار بكين على عدم التدخل في شؤونها الداخلية، غضت البرازيل الطرف عن انتهاكات الصين المعتادة لحقوق الإنسان، حتى أثناء التعامل مع القضية في منتدى الحوار بين الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، وهو إطار استشاري للديمقراطيات الناشئة. إذن عندما يتعلق الأمر بالقيم الأساسية، فإن الاتساق ليس من نقاط القوة في الدبلوماسية متعددة الأطراف التي تنتهجها البرازيل.
آفاق التعاون بين البرازيل واليابان
من الإنصاف القول بأن البرازيل، التي تلتزم بسياسة خارجية متعددة الاتجاهات، لم تهمل الشمال العالمي. فخلال حضور قمة مجموعة الدول السبع في هيروشيما في مايو/ أيار 2023 بدعوة من رئيس الوزراء آنذاك كيشيدا فوميئو، أبدى الرئيس ”لولا“ رغبته في التعاون مع الديمقراطيات المتقدمة صناعيًا مع تسليط الضوء على التحديات العالمية مثل إزالة الكربون ومكافحة الفقر. ولقد حدد هذا مساراً لقمة مجموعة العشرين التي عُقدت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 في ريو دي جانيرو (حول موضوع ”بناء عالم عادل وكوكب مستدام“) وكذلك مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP 30 الذي سيُعقد في البرازيل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2025. كما عملت البرازيل، المرشحة للانضمام إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بجد لمواءمة حوكمتها الاقتصادية مع المعايير الدولية.
لا شك أن برازيليا بسطت السجادة الحمراء للرئيس شي بعد قمة مجموعة العشرين في نوفمبر/ تشرين الثاني، ولا بد أن قادة اليابان لم يكونوا مسرورين لسماع ”لولا“ يتحدث عن البرازيل والصين كشريكين يعملان جنبًا إلى جنب من أجل إصلاح الحكم العالمي، باعتبارهما أكبر دولتين ناميتين في نصفي الكرة الأرضية.
لكن البرازيل دولة ذات وجوه عديدة. وفي حين ترفض الخضوع لأي قوة أخرى، فقد أظهرت استعدادها للتعاون مع أي شخص تقريبًا. أي أن صداقتها مع الصين لا تعني بالضرورة العداء تجاه اليابان. والواقع أن اليابان تتمتع بصورة إيجابية في البرازيل، التي تضم أكبر عدد من المهاجرين اليابانيين في العالم وتقدر مساهمتهم المحلية بدرجة عالية. لذا فإن أفضل طريقة لتنمية علاقات مثمرة مع البرازيل في سعيها لتحقيق رؤيتها لنظام عالمي تعددي هو مواصلة تحديد المصالح المتبادلة والعمل معا لتحقيق الأهداف المشتركة.
المراجع
- كارلوس أغيار دي ميدوروس وإستير ماجيروفيتش (2025) ”الصعود الصيني والاقتصاد البرازيلي: الفرص والتحديات“، إيبيروأمريكانا، المجلد 46، العدد 89 (قيد النشر).
- غابرييل سيبالوني وتولو فيجيفاني وفيليب سي. شميتر (2009)، السياسة الخارجية البرازيلية في الأوقات المتغيرة: السعي إلى الحكم الذاتي من ”سارني“ إلى ”لولا“، دار نشر ليكسينغتون.
- أوليفر ستونكل (2016)، العالم ما بعد أفول الغرب: كيف تعمل القوى الناشئة على إعادة صياغة النظام العالمي، دار نشر بوليتي.
(نُشر النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا والرئيس الصيني شي جينبينغ يوقعان بيانًا مشتركًا في أعقاب قمتهما في برازيليا، 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024. © أ ف ب/ جيجي برس)
كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | العلاقات الصينية-البرازيلية تحت المجهر: تعاون اقتصادي أم تمدد نفوذ؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.