عندما عُرض مسلسل الأنيمي ”مونونوكي“ لأول مرة في عام 2007، جذب انتباه الجماهير بفضل طابعه الياباني المميز وموضوعاته العميقة التي استكشفت الغموض والعوالم الروحية. بعد سنوات من النجاح الذي حققه المسلسل، عاد مجددًا في عام 2024، ولكن هذه المرة على الشاشة الكبيرة، ليحمل نظرة جديدة تتناسب مع التحولات الاجتماعية واحتياجات الجمهور الحديث. في هذا الحوار الخاص مع مخرج العمل، ناكامورا كينجي، نكتشف كيف نجح في الحفاظ على روح العمل الأصلي، بينما أضاف لمسات جديدة تتلاءم مع العصر الحالي. كما سنتعرف على العملية الإبداعية وراء الفيلم وكيف تغيرت الرؤية لتقديم تجربة سينمائية فريدة تُعيد إحياء عالم ”مونونوكي“ بأسلوب جديد يعكس احتياجات المجتمع الحالية.
عودة مونونوكي
استمد مسلسل الرسوم المتحركة ”مونونوكي“ اسمه من أرواح تربط نفسها بمشاعر بشرية قوية. بطل المسلسل بائع أدوية يمتلك سيفا قادرا على تهدئة تلك المشاعر. ولكن يتعين عليه حتى يتمكن من استخدام هذا السيف اكتشاف شكل وحقيقة وسبب ظهور كل مونونوكي، مثل الاسم البشري الأصلي لتلك الأرواح والسبب في تحولها إلى أرواح وسبب اضطرابها العاطفي.
وقد أرسى مسلسل الأنيمي التلفزيوني الذي صدر في عام 2007 الأساس لهذه القصة.
يدمج المظهر الأنيق لهذا العمل زخارف مستوحاة من مطبوعات ”أوكييو-إي“ وورق ”واشي“ ليضفي طابعا يابانيا مميزا، مع نصوص تستفيد من عناصر الرعب والغموض كخلفية لقصص إنسانية غنية ومؤثرة. وقد حظي المسلسل بشعبية كبيرة أثناء عرضه وبعد فترة من ذلك، داخل اليابان وخارجها.
ترمز الشخصية الرئيسية – بائع الأدوية – إلى روح مسلسل مونونوكي. (© Twin Engine)
أُطلقت حملة تمويل جماعي لفيلم ”غيكيجوبان مونونوكي: كاراكاسا (فيلم مونونوكي: الشبح في المطر)“ في عام 2022 في الذكرى الخامسة عشرة لبث المسلسل الأصلي. وتجاوزت الحملة بسرعة الحد الأدنى المطلوب وهو 10 ملايين ين، لتجمع 60 مليون ين لتمويل إنتاج الفيلم.
كان مخرج الفيلم ناكامورا كينجي قد عمل أيضا في المسلسل التلفزيوني. وقال ”بصراحة، لم تكن توقعاتي في البداية كبيرة حيال إنتاج فيلم“، والسبب في ذلك هو أن العالم قد تغير كثيرا منذ عرض المسلسل لأول مرة في عام 2007.
وأضاف ”شهد عام 2007 طرح جهاز الآيفون للبيع في اليابان. كما وافق هذا العام انطلاق منصة تويتر، وكان العام الذي بدأ فيه العالم يتغير بشكل عميق. لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي قد انطلقت بعد آنذاك، وكان من الصعب على الأفراد أن يُسمعوا أصواتهم. وجاء ابتكار مونونوكي كنوع من شريان الحياة للجماهير التي لم يكن يُسمع صوتها“.
سيف بائع الأدوية. (© Twin Engine)
عرض المسلسل الكثير من أرواح مونونوكي (وهي كلمة قديمة تُستخدم عادة لوصف وحوش يوكاي من الفولكلور الياباني). فقد ظهرت شخصيات محببة قديمة مثل ”باكينيكو (قطط أشباح)“ و ”زاشيكي واراشي (أطفال أشباح)“ و ”أومي-بوزو (رهبان بحر متوحشة)“ و ”نوبّيرابو (أشخاص بلا وجوه)“ و ”نوي (كيمايرا)“. ووفقا للأساطير التي أوردها المسلسل، تولد هذه المخلوقات من مشاعر الناس: الحب والجشع، الوحدة واليأس. يستخدم بائع الأدوية سيفه لتهدئة أرواح أولئك الذين أدى ظلمهم في الحياة إلى تحولهم إلى مونونوكي بعد الموت.
المونونوكي الرئيسي في الفيلم هو ”كاراكاسا (مظلة شبح)“. (© Twin Engine)
”إذا كان هناك شيء، فهو تدفق زائد من المشاعر الإنسانية في العالم اليوم، كما يتضح من شعبية وسائل التواصل الاجتماعي. لذلك فإن مفهوم المشاعر المكبوتة الأصلي يبدو وكأنه لن يتم إيصالها كما كان الوضع من قبل. كنت قلقا من أن الزمن لم يعد مناسبا لدعم إنتاج عمل جديد من مونونوكي“.
قال ناكامورا ”إذا كنا سنصنع نسخة جديدة، فلن نقبل بتقديم أية تنازلات“. قرأ العديد من الأفكار القصصية ليجد واحدة يشعر بأنها ستلقى صدى لدى الجمهور الحديث، ثم قضى عامين في تطوير السيناريو.
فكرة الحقد الجماعي
بعد الكثير من المحاولات المفضية إلى الخطأ والصواب، أصبح ناكامورا مهتما بموضوع ”مغالطة التركيب“، وهو مصطلح اقتصادي يشير إلى الخطأ في استنتاج أن الفعل الذي يثمر عن نتيجة إيجابية لفرد أو منظمة لن يكون دائما إيجابيا وناجحا من منظور أوسع.
يقول ناكامورا ”إن تفكير المجموعات والأفراد سيكون دائما غير متناغم، والأمر كذلك منذ قديم الزمن، ولا يزال كذلك حتى اليوم، وسيظل كذلك طالما أن المجتمع يتكون من كائنات عاطفية، وهي الناس. شعرت أنه إذا استطعت تصوير المشاعر السلبية الناتجة عن هذا الانقسام الذي يغذي مونونوكي، فسوف يعطيها إحساسا بالواقعية في لحظتنا الحالية. كنت أركز حتى الآن على الاضطراب العاطفي للأفراد، لكن هذه المرة أردت أن أظهر كيف يبدو المجتمع في حالة اضطراب عاطفي“.
محظيات في الحجرات الداخلية للقصر الإمبراطوري. (© Twin Engine)
تدور أحداث هذه القصة الجديدة في ”أووكو“ الموجودة داخل القصر الإمبراطوري. وهذه ”الحجرات الداخلية“ تحتوي على مجموعة من النساء المنعزلات تلبين احتياجات الإمبراطور ويعملن كمحظيات، ويتنافسن فيما بينهن لإنجاب وريث له. وهو مكان خاص مليء بأجمل النساء من جميع أنحاء البلاد، ويحظر دخوله تماما على أي رجل آخر غير الإمبراطور. وهذا يمنحه نفوذا سياسيا كبيرا وكأنه أحد أجنحة الحكومة.
يقول ناكامورا ”الأووكو جذابة بصريا، وتتوافق جيدا مع مفهوم مونونوكي. كما أن الموضوع يتناسب مع مغالطة التركيب“.
وافدتان جديدتان. تسعى”أسا“ الموهوبة (في الأعلى) إلى الصعود في الرتب بسرعة، أما ”كامي“ البريئة فهي خرقاء وترتكب أخطاء. (© Twin Engine)
تدور أحداث القصة حول ظهور مونونوكي تسمى كاراكاسا، تثار بقدوم وجهين جديدين إلى الأووكو، هما أسا وكامي.
تستغل أسا ذكاءها للعمل بكفاءة، وتتأقلم بسرعة مع الحياة في الحجرات الداخلية. أما كامي فتتوق للاندماج، لكن تصرفاتها الخرقاء تجعلها تحمل ضغينة تجاه من حولها. وعلى الرغم من اختلاف طباعهما، لا يلبث وأن يتشكل رابط خاص بينهما. في غضون ذلك، تضمر أوتاياما، التي تشغل أعلى منصب في الأووكو، سرا. تبدأ ظواهر غريبة في الحدوث، ما يثير حالة من الفوضى بين السيدات.
تعامل أوتاياما زعيمة الأووكو المحظيات الأدنى منها مرتبة معاملة حسنة، انطلاقا من رغبتها في رعاية ودعم الحجرات الداخلية. (© Twin Engine)
بطل جديد
أنتج الفيلم بعد 17 عاما من عرض المسلسل التلفزيوني، ويقدم رؤية وإحساسا مختلفين. وفي حين أن الصور لا تزال تبدو وكأنها جزء من لفافة قديمة، فقد تم تصميم الشخصيات من قبل فنانة المانغا ناغاتا كيتسونيكو التي جددت التصور البصري لبائع الأدوية، بالإضافة إلى سيفه وموازينه وصندوق الأدوية الخاص به.
بائع الأدوية غامض – كما في المسلسل التلفزيوني – حيث يكتنف الغموض خلفيته وحتى شخصيته. ولكنه يُعتبر شخصا مختلفا عن تلك الشخصية التي ظهرت في العرض التلفزيوني.
اعتقد المخرج أن هذه الشخصية جوهرية للمسلسل الكرتوني ولم يفكر أبدا في استخدام بطل قصة آخر. أراد ناكامورا ”الحفاظ على طابع الشخصية الموجود في النسخة التلفزيونية، على الرغم من أنه كان شخصا مختلفا“، وقضى أكثر من 10 أشهر في إعادة تصميمه.
يبدو بائع الأدوية الجديد حسب كلمات ناكامورا ”هادئا ومنعزلا، ولكنه لا يخشى المغامرة في دوامة، وهو شغوف بإنقاذ الآخرين“. (© Twin Engine)
أدرك طاقم العمل شعبية العرض المتزايدة في الخارج، ولذلك ضاعفوا جهودهم لتأكيد التصوير الياباني في الإنتاج. وأدرجوا في الفيلم المزيد من الزخارف المستوحاة من مطبوعات أوكييو-إي والفن الياباني.
”تطلب الأمر توازنا دقيقا في إبراز التصوير الياباني بأسلوب مميز دون مبالغة. مطبوعات أوكييو-إي مسطحة، مع خلفيات ذات خطوط حادة. يستخدم مونونوكي هذا الإحساس البصري، وهو ما يميزه عن أي أنيمي آخر. كما حرصنا على أن تكون الصور غير مبهرجة بشكل مفرط“.
تستحضر الصور ورق واشي ومطبوعات أوكييو-إي. (© Twin Engine)
إن استخدام نسيج من ورق ياباني يمثل تقنية فريدة أخرى. فقد تم استخدام ورق ياباني حقيقي كفلتر للشاشة. لكن لوحة الألوان تختلف عن أوكييو -إي بطرق طفيفة. التصوير الرائع لحجرات أووكو يتميز بألوان أكثر تشبعا بالمقارنة مع العرض التلفزيوني، ما يخلق صورة حيوية من النوع الذي يفضله المشاهدون في الخارج.
دمية تظهر في صميم القصة. (© Twin Engine)
جوهر مونونوكي
تنعكس التغيرات التي طرأت على المجتمع خلال الأعوام السبعة عشر بين المسلسل التلفزيوني والفيلم في شكله.
يقول المخرج ”أنتج المسلسل التلفزيوني في وقت كان فيه المستقبل لا يزال يبدو مشرقا، لذا كان هدفنا تقديم قصص مظلمة. أما الآن فنحن نعيش في عصر مظلم، مع مستقبل غامض، ولا تفتقر وسائل التواصل الاجتماعي إلى المحتوى من القصص المظلمة. ليس هناك حاجة لمزيد من الظلام، حتى من منظور ترفيهي. وهذه هو السبب الأكبر في تغير المسلسل بشكل كبير“.
سابورومارو مكلف بالتحقيق في الحوادث التي وقعت داخل أووكو. (© Twin Engine)
لقد تغيّر الوقت. ولكن ما هو الجوهر الأساسي غير القابل للتغيير في سلسلة مونونوكي؟
”الجانب الأكثر أهمية هو وجود بائع الأدوية. ثم قصص واقعية عن معاناة عاطفية. من المهم أن يشعر المشاهدون بتلك الواقعية عندما يهدّئ بائع الأدوية مونونوكي بسيفه. إنها قصص خيالية، ولكنني أردت أن أقدم شيئا يقارب الواقع“.
موغيتاني: ”أخت كبرى“ لبقية محظيات الأووكو. (© Twin Engine)
الأمر الآخر الذي لم يتغير من المسلسل التلفزيوني يتمثل في الكمية الهائلة من المعلومات السمعية والبصرية على الشاشة.
يقول ناكامورا ”يميل الناس اليوم إلى البحث عن ترفيه سهل المشاهدة. ولكن يكون من الجيد أحيانا مشاهدة شيء يجعلك تفكر. أردت تصوير القصة بطريقة سريعة ومشوقة لتناسب الإيقاع الذي يطلبه الجمهور الحديث، ولكنني أردت أيضا أن أستغرق وقتا لتطوير تلك الأحداث وأجعلها معقدة“.
عالم يمنح معنى لكل ما يظهر على الشاشة (© Twin Engine)
ولعل المفاجأة الأكبر في ”فيلم مونونوكي: الشبح في المطر“ كانت في الإعلان بعد عرضه أنه الجزء الأول من ثلاثية يصدر جزآها الآخران لاحقا. ومن المقرر عرض الفيلم الثاني بعنوان ”هينيزومي (فأر ناري)“ في مارس/آذار عام 2025.
يقول ناكامورا ”لا توجد شخصية واحدة في الفيلم ليست مهمة لقصة الجزء القادم. وسيتم إحياء قصص العديد من الشخصيات الثانوية في الأجزاء القادمة“.
ولا تزال قصة بائع الأدوية الجديد في بدايتها.
يواجه بائع الأدوية كاراكاسا في مشهد يصور معركة. (© Twin Engine)
المقطع الدعائي الرسمي للفيلم
الموقع الرسمي (باللغة اليابانية): https://www.mononoke-movie.com
(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية، الترجمة من الإنجليزية. النص والمقابلة من قبل إيناغاكي تاكاتوشي. صورة العنوان من ”فيلم مونونوكي: الشبح في المطر“. © Twin Engine)
كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | من الشاشة الصغيرة إلى الكبيرة: فيلم ”مونونوكي“ يعيد الأنيمي الشهير بعد 17 عامًا لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.