شكرا لقرائتكم خبر عن
صنعاء - بواسطة أحمد ابو اليزيد - كشف تقرير جديد صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) ومنظمة الصحة العالمية أن ما يقرب من 78 مليون رضيع - أو 3 من كل 5 أطفال في العالم- لا يحصلون على الرضاعة الطبيعية خلال الساعة الأولى من ولادتهم، ما يجعلهم أكثر عرضة لخطر الوفاة والمرض، ويقلل احتمالات استمرارهم في الحصول على الرضاعة الطبيعية، ويولد معظم هؤلاء الأطفال الرضع في البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل.
وأشار التقرير، الذي صدر احتفالا بالأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية في الفترة من 1 إلى 7 أغسطس/آب، إلى أنَّ حديثي الولادة الذين يحصلون على الرضاعة الطبيعية في الساعة الأولى من الحياة تزيد فرصتهم في البقاء على قيد الحياة بشكل ملحوظ، وأن تأخير الرضاعة لساعات قلائل بعد الولادة يمكن أن يؤدي إلى عواقب مهددة للحياة. وتحفز الملامسة الجسدية المباشرة بين الطفل وأمه، إلى جانب إرضاعه من الثدي على إدرار لبن الأم، بما في ذلك لبن اللِّبَأ، الذي يُطلق عليه أيضاً "أول لقاح" للطفل، وهو غني إلى أبعد حد بالمغذيات والأجسام المضادة.
وفي إقليم شرْق المتوسّط، تقل معدلات إرضاع الأطفال رضاعة طبيعية في الساعة الأولى من حياتهم، وإرضاعهم رضاعة طبيعية بشكل حصري لمدة 6 أشهر، ومواصلة الرضاعة لمدة سنتين، مما يؤثر على نمو الطفل وبقائه على قيد الحياة، كما ترتبط بارتفاع معدلات التقزُّم، والهزال، وزيادة الوزن والوفاة لدى الأطفال دون سن الخامسة.
ويمكن أن يساعد تحسين هذه العادات، والتشجيع على الرضاعة الطبيعية وحمايتها ودعمها من خلال مبادرة المستشفيات الصديقة للرضع، فضلاً عن محو الأمية والمباعدة بين الولادات، على تحسين بقاء الأطفال والأمهات على قيد الحياة في الإقليم. ومن ثمَّ، فإن دعم الرضاعة الطبيعية المبكرة والاقتصار عليها بشكل حصري والاستمرار فيها طيلة السنتيْن الأولى والثانية من حياة الرضيع سوف يعود بحصائل إيجابية على المدى القصير والبعيد على صحة الطفل ونموه وتطوره على مدى حياته، كما سيؤثر على بقائه على قيد الحياة.
وأظهرت الدراسات أن البدء في الرضاعة الطبيعية في الساعة الأولى من الولادة، وملامسة جلد الأم لجلد الطفل حتى اكتمال الرضعة الأولى من شأنه أن يؤدي إلى الحدّ من وفيات الأطفال حديثي الولادة بنسبة 22%، كما ستكون له آثار فيما بعد على الحدّ من وفيات الأطفال في سن الرضاعة أيضاً.
يقول الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لشرق المتوسط: "إن هذا الأمر يحظى بأهمية كبيرة، لا سيَّما بالنسبة للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل والمجتمعات المحلية في إقليم شرق المتوسط، والتي تواجه حالات طوارئ مزمنة، حيث ترتفع معدلات سوء التغذية ووفيات الأطفال حديثي الولادة والأطفال الرضّع. ومن الممكن أن يؤدي التشجيع على اتباع الممارسات المثلى للرضاعة الطبيعية إلى تحسين معدلات بقاء الأطفال على قيد الحياة، مما يضع البلدان على مسافة أقرب من تحقيق الغايات المتعلقة بالصحة التي تضمنتها أهداف التنمية المستدامة. وتعد الرضاعة الطبيعية أحد أكثر التدخلات العالية التي تُسهم في الوقاية من السمنة والأمراض غير المزمنة".
ويبيّن تحليل حديث أن الاستثمار بما يوازي 4.70 دولار أمريكي لكل طفل حديث الولادة يمكن أن يضخ 300 بليون دولار أمريكي من المكاسب الاقتصادية بحلول عام 2025. ويمكن أن يؤدي التشجيع على الرضاعة الطبيعية إلى تحسين بقاء الأطفال على قيد الحياة بصورة غير مباشرة، وذلك عن طريق تعزيز التطور المعرفي للطفل، والحفاظ على صحة الأم من خلال الحدّ من خطر الإصابة بسرطان الثدي وربما سرطان المِبْيض، وهما سببان رئيسيان للوفاة في صفوف السيدات في البلدان المتقدمة والنامية على حدٍ سواء.
تقول هنرييتا إتش فور، المديرة التنفيذية لليونيسيف: "عندما يتعلق الأمر بالبدء في الرضاعة الطبيعية، فإن التوقيت يعني كل شيء. بل إن هذا الأمر قد يكون مسألة حياة أو موت في كثير من البلدان". واستدركت قائلة: "ورغم ذلك، فإن ملايين الأطفال من حديثي الولادة يفوتهم في كل عام فرصة الاستفادة بمزايا الرضاعة الطبيعية المبكرة لأسباب - تظهر مراراً وتكراراً - ترجع إلى أمور نستطيع نحن تغييرها. فالأمهات بكل بساطة لا يتلقيْن ما يكفيهن من الدعم من أجل إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية في تلك الدقائق الحاسمة بعد الولادة، حتى من جانب العاملين الطبيين داخل المرافق الصحية".
ويقول الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية: "تمنح الرضاعة الطبيعية للأطفال أفضل بداية ممكنة لهم في الحياة". وأضاف: "إننا بحاجة إلى توسيع نطاق الدعم الـمُقدم للأمهات، سواء من جانب أفراد الأسرة، أو العاملين في مجال الرعاية الصحية، أو أرباب الأعمال والحكومات، حتى يتمكنوا من إعطاء أطفالهم البداية التي يستحقونها".
ورغم الأهمية التي يكتسيها البدء المبكر في الرضاعة الطبيعية، فإن عدداً كبيراً جداً من الأطفال حديثي الولادة يُتركون للانتظار فترات طويلة للغاية لأسباب متفرقة، منها تغذية الأطفال حديثي الولادة بالطعام أو الشراب، وارتفاع معدلات العمليات القيصرية الاختيارية والفجوات المتعلقة بجودة الرعاية المُقدمة للأمهات والأطفال حديثي الولادة.
ويحث التقرير الحكومات والجهات المانحة وسائر صانعي القرار على اتخاذ تدابير قانونية قوية، للحد من تسويق حليب الأطفال وسائر بدائل لبن الأم.
يذكر أنه يتم الاحتفال بالأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية تخليداً لذكرى إعلان إينوشينتي الذي وقّعه في أغسطس/آب 1990 راسمو السياسات الحكوميون ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) ومنظمات أخرى، من أجل تعزيز الرضاعة الطبيعية ودعمها.