بعد إفشالها تحركات الجزائر.. ما أهداف مشروع أمريكا لوقف الحرب المؤقت في غزة؟

دبي - محمود عبدالرازق - وبعد استخدام واشنطن حق النقض الفيتو ضد مشروع الجزائر لوقف دائم للحرب، قالت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، إن مشروع الجزائر يؤثر بالسلب على المفاوضات الجارية من أجل التوصل الى اتفاق حول غزة.

وكشفت المندوبة الأمريكية عن مشروع قرار أمريكي "بديل" يدعو إلى وقف إطلاق نار مؤقت في إطار اتفاق لإطلاق سراح الرهائن.

ويدعو المشروع مجلس الأمن إلى إدانة حركة حماس، حيث قالت غرينفيلد: "أغلبنا متفق أنه حان الوقت لكي يدين هذا المجلس حماس"، وإذا تم تبني القرار الأمريكي، فسيكون أول قرار من مجلس الأمن يدين "حماس".

موقف مرفوض
اعتبر الدكتور حسام الدجني، الأكاديمي والمحلل السياسي الفلسطيني، أن تقديم أمريكا مشروع قرار لوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة بعد إفشالها لمشروع الجزائر، يؤكد أنها تعيش في حالة انفصام وتخبط كبير.

وبحسب حديثه لـ "الخليج 365"، الولايات المتحدة الأمريكية تريد من جانب أن ترضي المجتمع الأمريكي، حيث بدأ أن يزداد الصوت الرافض للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والمطالب بوقفها تزداد بشكل مستمر، مع قرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ما له من تداعيات على شعبية الرئيس بايدن، وبين انحيازها لإسرائيل، والتي تريد أن تحمي مصالحها.

وأكد الدجني أن فكرة قرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة بشكل مؤقت غير مقبولة، ومن المنطق عدم تمرير المشروع الأمريكي في مجلس الأمن.

ومضى قائلًا: "إذا كانت الإنسانية الأمريكية تهتم بالمدنيين عليها وقف إطلاق النار بشكل كامل، وأن تفرض واقعا سياسيا يقوم على حل الدولتين، وأن تنهي المأساة الإنسانية الفلسطينية في غزة، عبر السماح بتدفق دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية للقطاع".

تكتيك أمريكي

في السياق ذاته، اعتبر شرحبيل الغريب، المحلل السياسي الفلسطيني، ورئيس منتدى العلاقات الدولية للحوار والسياسات، أن مشروع القرار الأمريكي بشأن قطاع غزة يعكس عدة أهداف أمريكية، أهمها ضمان فترات هدوء متفاوتة تضمن الإفراج عن الأسرى لدى حركة حماس في غزة.

وبحسب حديثه لـ"الخليج 365"، تسويق واشنطن لهذا المشروع جاء بغطاء إنساني وتحت عنوان وقف إطلاق النار مؤقت مقابل المساعدات الإنسانية، وربما يأتي إدراكا منها بأن الوسائل العسكرية لن تضمن إنهاء قضية الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة في قطاع غزة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني أن هذا القرار يفسر أيضا أن الإدارة الأمريكية ما زالت تدعم خيار استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وبغطاء رسمي منها يضمن دمج إسرائيل في المنطقة.

أمس, 19:53 GMT

ومضى قائلًا: "هذا يعني أن قرار الحرب أمريكي والمنفذ إسرائيل، وهو ما يعزز الأخبار التي تواردت حديثاً عن أن نتنياهو طلب دعما لاستمرار الحرب حتى شهر يوليو القادم، لكن الإدارة الأمريكية أعطته شهرين إضافيين مع دعم عسكري جديد يضمن استكمال الخطة الأمريكية التي تهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة".

ويرى الغريب أن هذا المشروع لا يهدف لوقف نهائي للعدوان، وإنما يندرج في إطار التكتيك الأمريكي لفكفكة الأزمة الإسرائيلية في قطاع غزة بعد الفشل الإسرائيلي في تحقيق أي من الأهداف الإسرائيلية المعلنة قبل أكثر من 130 يوما من الحرب.

وأوضح أن ذلك يؤكد وصول الإدارة الأمريكية لقناعة بأن حل الأزمة لا يمكن إلا بحلول سياسية مع استمرار الضغط العسكري بين الحين والآخر، ما يوضح بأن الإدارة الأمريكية شريكة إسرائيل في ارتكاب جرائم حرب وإبادة ضد المدنيين الفلسطينيين، بل ولا يعفيها من المسؤولية.

وينص المشروع الأمريكي على أنه "لا يمكن تقليص مساحة الأراضي في قطاع غزة"، ويرفض أي تهجير قسري للمدنيين في غزة، كما يسلط المشروع الضوء على المخاوف بشأن مصير المدنيين في رفح، ويوضح أنه في ظل الظروف الحالية، لا ينبغي شن هجوم بري كبير على رفح.

ويطالب القرار بحماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني وفتح طرق إنسانية إضافية ويدعو إلى رفع جميع الحواجز أمام تقديم المساعدة الإنسانية، وفتح طرق إنسانية إضافية، وإبقاء المعابر الحدودية الحالية مفتوحة.

وتؤكد المسودة الأمريكية "التزام الولايات المتحدة الثابت، برؤية حل الدولتين: حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنبًا إلى جنب في سلام، داخل حدود آمنة ومعترف بها في ظل سلطة فلسطينية متجددة".

وفشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تبني مشروع قرار قدمته الجزائر، من أجل وقف إطلاق النار فورا في قطاع غزة، بسبب تصويت الولايات المتحدة ضد مشروع القرار.

يشار إلى أن مشروع القرار الجزائري، كان يدعو لـ"وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية تحترمه جميع الأطراف".

ويرفض مشروع القرار أيضا التهجير القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين، ويدعو إلى وضع حد لهذا الانتهاك للقانون الدولي، كما يدعو النص لإطلاق سراح جميع الأسرى.