القاهرة - بواسطة ايمان عبدالله - الفنان حسين فهمي
رغم أن وسامته لا يختلف عليها اثنان لكن بوابة النجومية للفنان الكبير حسين فهمي لم تكن بسبب هذه الوسامة، بل إن السينما المصرية والعربية هي من استفادت منها وساعدته على تنوع أدواره على مدار نصف القرن تقريبا.
وقدم برنس السينما العربية نحو 120 فيلما و30 مسلسلا ونحو 5 مسرحيات، وتولى رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عدة سنوات، شهد المهرجان خلالها حضور نجوم كبار من نوعية بيتر أووتول وصوفيا لورين وكاترين دينيوف وعمر الشريف وآلان ديلون، ولأنه من الناشطين إنسانيا، وسفير الأولمبياد الخاص الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهو يستعد خلال هذا الشهر لحضور الأولمبياد بأبوظبي في دورة استثنائية عربية بامتياز.
حسين فهمي كان ضيف ندوة "العين الإخبارية" قبل ساعات قليلة من سفره للمشاركة في أولمبياد أبوظبي، حيث فتح قلبه وتحدث عن قضايا وتفاصيل كثيرة.. فإلى نص الندوة:
قدمت دور كفيف في فيلم "عنبر والألوان".. كيف تعاملت مع هذه الشخصية الصعبة؟
كانت تجربة رائعة، فلم أكن أرغب في الذهاب لمعهد لكفيفي البصر، وأردت أن أشعر بمشاعر هؤلاء لو فقدت في يوم البصر، لذا مارست تمارين عبر تجربة خاصة من خلال إغلاق عيني، وتركت نفسي أتفقد الأشياء بإحساسي، واتضح لي بعد ذلك أن معظم الأكفّاء يتصرفون بهذه الطريقة في حياتهم الشخصية، بالإضافة إلي أنني أتعامل مع شخصية مدرس موسيقى كفيف لأطفال فاقدي البصر داخل مدرسة، وكان التعامل معهم تجربة ممتعة أيضا.. أن تعيش وسط من فقدوا البصر ولكنهم لم يفقدوا البصيرة، فلديهم أحاسيس فياضة ويستشعرون الحب الصادث تجاههم.
وكانت رواية "عنبر والألوان" جميلة، فهناك رسامة تلعبها آثار الحكيم ولديها فكرة عن الألوان التي لم أشاهدها ولا أعرفها، وكيف تشرح لي اللون وكيف أستوعبه، وكلها مشاعر جميلة.
هل كانت لك ملاحظات بخصوص هذا الدور، خصوصا أنك قمت لفترة بتدريس اللون كأستاذ في معهد السينما؟
كنت حريصا أن أرتدي اللون الرمادي طول الوقت للتعبير عن شخصية تعيش في الظلام، سواء في البدل أو في البيجامات، كذلك لون الحائط في المنزل، وفي المدرسة لون الزي المدرسي للأطفال رمادي، وعندما أكون مع شخصية المدرسة الفنانة التي تدرس الألوان هنا يظهر تعدد الألوان للتعبير عن الحالة.
نريد الاقتراب أكثر من تدريسك الألوان في معهد السينما، والتعرف من وجهة نظرك ما دور اللون في حياة الفنان؟
أنا بطبعي أرى الحياة بالألوان، والله خلق لنا حياة جميلة بها كل أنواع الألوان، فالألوان تمثل حياة كاملة، وتدريسي بمعهد السينما كان قائما على تدريس تركيبة الألوان في اللقطة والمشهد، وكيفية تركيب لون على لون من خلال المونتاج، وضرورية التناغم بين هذه الألوان وبعضها البعض داخل الكادر من خلال لون الديكور والملابس والإحساس بكل لون وانعكاسه على المشاهد.
كيف تختار ألوانك؟ وما لونك المفضل؟
اختياراتي للألوان يحكمها الموقف والمكان، فإذا كان مكانا رسميا مثلا لا يجوز استخدام الألوان البراقة التي تصلح أكثر للصيف على الشاطئ مثلا، ومن هنا ليس لدي لون مفضل لكني أعشق التركواز الذي يشبه لون البحر.
هل كان دور الكفيف مقدمة لاهتماماتك الإنسانية بذوي الهمم؟
أنا مهتم بهم من خلال جمعيات خاصة عديدة قبل أن أصبح سفيرا للنوايا الحسنة مع الأمم المتحدة لـ10 سنوات، ثم 10 سنوات أخرى سفيرا إقليميا لذوي القدرات الخاصة، وحاليا أنا سفير دولي، فاهتماماتي قديمة جدا، وأنا أرى أن الاهتمامات الإنسانية جزء من تركيبتي ومن تركيبة الفنان عموما.
ما تعليقك على استضافة الإمارات الأولمبياد الخاص كأول دولة عربية؟
يهمنا جدا نجاح الدورة الحالية من الأولمبياد الخاص في أبوظبي، والتي يتم الإعداد لها منذ 3 سنوات، فالإمارات دولة مهمة جدا في العالم العربي، ولدينا نحو 5 آلاف رياضي من الأولاد والبنات برفقة أسرهم وعائلاتهم ومدربيهم، بالإضافة لفنادق ومستشفيات وملاعب وكل أنواع الرياضات موجودة، حيث تشارك 132 دولة، ونتوقع متابعة أكثر من 300 ألف مشاهد لهذه الدورة.
ما تعليقك على إعلان هذا العام عاما للتسامح بالإمارات؟ وماذا عن التسامح في حياتك عموما؟
التسامح موجود في حياتي بشكل عام، فلدي إحساس مبكر بالترفع فوق التفاهات والسخافات، وهو ما يمنحني إحساسا دائما بالتسامح، فلم أكره أحدا في حياتي أو أحقد على شخص، حتى في الخلافات في الآراء، وهناك حالات طبعا لا يمكن فيها التسامح، خصوصا في ظروف سياسية محددة مثل ما يحدث مع الشعب الفلسطيني أحيانا، لكن التسامح يدفعنا لفهم الآخر، وأقدر جدا أن يكون هذا العام عاما للتسامح في الإمارات.
إلى أي مدى تحتاج منطقتنا إلى التسامح في هذه الفترة؟
لا بد أن نصل للتسامح لأنه الطريق الوحيد للحياة في مجتمع وعالم أفضل، وهو طريق للبعد عن الحروب والصراعات خصوصا تلك التي تسعى فيها بعض الأطراف للسيطرة على شعوب أخرى، وهو أمر مرفوض، والتسامح هو الذي سيقودنا لمرحلة التفاهم بين البشر دون الشعور بالسمو والتفاخر.
قدمت برنامجا عن الزمن بنفس الاسم.. حدثنا عن اختيارك هذا الموضوع تحديدا، وهل تخشى من الزمن؟
أنا دائما أعتبر أن الزمن لا وجود له، فكل إنسان له بداية ونهاية، وما بينهما هو ملك للإنسان وحده، والزمن ليس ضدك ولا هو معك، المهم كيف تستفيد منه وتكسبه لصالحك، لذلك من المهم أن يثقف الإنسان نفسه ولا يهدر وقته في أشياء لا معنى لها، لذا لا أخشى الزمن فهو دائما لصالحي، ولكني مهتم به ولا أضيع وقتي.
هل فكرت في برنامج آخر بعد توقف هذا البرنامج؟
الزمن ما زال يشغلني، وقد زرت دولا عربية كثيرة منها العراق والمنطقة الكردية والبشمركة وزرت المعبد الإيزيدي، وذهبت لتونس والمغرب ولبنان، وتحدثت عن أمور عديدة، لذلك أتمنى تقديم هذا البرنامج مرة أخرى، وأتمنى التصوير في الجزائر والسودان وسوريا، خصوصا حلب العاصمة المهمة التي كانت وكيف أصبحت.
قدمت في فيلم "الإخوة الأعداء" شخصية مركبة.. هل عانيت في تقديمها؟
عانيت بالتأكيد، فقد سبق تقديم الشخصية باسمها الأصلي "الإخوة كرامازوف"، وقدمها يول براينر في فيلم أمريكي وحقق نجاحا كبيرا، وكان التحدي كبيرا، وطبعا كان هناك إعداد وتمصير للرواية، وأيضا ساعدني وجود نادية لطفي ويحيى شاهين ونور الشريف ومحيي إسماعيل وسمير صبري وميرفت أمين والمخرج الكبير حسام الدين مصطفى.
محطتا "العار" و"جري الوحوش".. كيف تراهما؟
في منتهى الأهمية، فكلاهما مع نفس المجموعة مؤلفا ومخرجا وأبطالا، وقد حققا نجاحا كبيرا، وكلاهما من العلامات في تاريخ السينما المصرية، وشخصية "العار" شاهدتها في أحد ضباط المباحث، لكن "جري الوحوش" شاهدتها في الدكتور سيد الجندي رحمه الله، وهو طبيب مخ وصديقي وسألته عن طريقة عمل المخ ومدى سلامة نوعية الجراحة التي تتم في الفيلم، وأخبرني أنها نظرية سليمة ولكن لم يتم تطبيقها من قبل، وقد حاولت تقليده.
ما الأدوار التي تعتز بها خلال مسيرتك الفنية؟
أدوار عديدة أعتز بها، منها ما ذكرته مثل "العار" و"جري الوحوش" بالإضافة لـ"اللعب مع الكبار"، و"انتبهوا أيها السادة" وكذلك أدواري الكوميدية في التلفزيون، وفي المسرح قدمت كوميديا في أدوار من نوعية "أهلا يابكوات"، و"زكي في الوزارة"، و"مطلوب للتجنيد"، وأعتقد أن مسيرتي تحمل تنوعا واضحا في الشخصيات التي قدمتها.
لو عرض عليك تقديم المسرح مرة أخرى هل توافق؟
بالتأكيد.. فالمسرح له متعة خاصة، وبمجرد إغلاق الأبواب على الجمهور يصبح الممثل والمتلقي في قارب واحد أو كأنهما في عيادة خاصة، ورغم ترديد نفس الكلام يوميا إلا أن الإحساس يختلف باختلاف الجمهور اليومي.
- درست الإخراج ولم تقدم أي عمل كمخرج حتى الآن؟
رد ضاحكا: لن يحدث فقد مر الوقت، إنه الزمن أيضا كما قلنا، فبعد عودتي من أمريكا كان الاتفاق مع يوسف شاهين وعبدالقادر حاتم على إخراج فيلم، وأخبرني يوسف أن أساعده كمخرج مساعد في فيلم "الاختيار"، وكان من المفترض أن يقوم شاهين بالتمثيل في الفيلم، وتغيرت الظروف، ثم حدثوني عن فيلم "نار الشوق" وقررت تجربة التمثيل، وحققت نجاحا كبيرا وبعدها قدمت فيلم "دلال المصرية" وحقق بدوره نجاحا كبيرا، وصار الطلب أن أستكمل التمثيل، وبدأت الجوائز وتقهقهر الإخراج.
حدثنا عن الحب في حياتك؟
أنا لا أستطيع أن أعيش دون حب، وأعرف كيف أحب وأشعر بالحب، وكذلك أستطيع أن أحب ما أفعله من عمل أو في تعاملاتي الحياتية عموما.
متي ستتزوج مرة أخرى؟
رد ضاحكا: لن يحدث، فقد دخلت محاكم كثيرة وأنفقت أموالا كثيرة، وقد أفلست ماديا فكيف أتزوج مرة أخرى، إلى جانب أنني فقدت الثقة، فلم أعد أعرف أين المشكلة، وهل هي عندي أم عند الآخرين؟ وقررت التوقف بعد 5 مرات زواج.
متى سيعرض الجزء الثاني من مسلسل "السر"؟
المسلسل يحوي أسرارا كثيرة لكل شخصية، ويتم الكشف عن كل سر في كل حلقة، وانتهينا من تصويره، وهناك مسلسل آخر بعنوان "خط ساخن" لم يستكمل، ويتحدث عن نقل الأعضاء وسرقتها، ودوري لشخص فاقد الأمل في الحياة بسبب مرض السرطان، يلتقي سولاف فواخرجي ويحبها ويقوم بمساعدتها في كشف مافيا الأعضاء.
ما حلمك الفني حاليا؟
كنت وما زلت أتمنى تقديم شخصية الخديو إسماعيل، فهو شخصية مهمة جدا في تاريخ مصر، وكان التساؤل الذي يشغلني هو: هل انتماؤه عربي أم أفريقي أم أوروبي؟ ولماذا كان يصر على أن تصبح مصر امتدادا لأوروبا، وكل المشاريع المهمة التي حدثت في مصر كانت في فترة ولايته، وباقي المشاريع المهمة كانت في عهد الخديو توفيق ثم سعيد وهكذا، وكانت لديه رؤية وكانت مصر دولة غنية في هذه الفترة، وليس صحيحا أنه تسبب في ديون مصر، فهذا تشويه تاريخي، لذلك تمنيت تقديمه كما يجب أن يكون.
هل اهتمام الفنان بالسياسة يضر فنه؟
بالتأكيد، لكن ذلك لا يعني أن يكون الفنان بلا رأي، فلا بد أن يكون للفنان موقف سياسي قوي، وأنا أفعل ذلك دوما حتى لو خسرت كثيرين وكسبت نفسي.
هل هناك مشروعات سينمائية قادمة؟
هناك مشروع فيلم سينمائي لم تتبلور ملامحه بعد.