عن البدايات والأمومة والموضة.. بلقيس تكشف أسرار حياتها

بيروت - سلوى ياسين - نقلنا لكم – بتجــرد: بلقيس فتحي، الفنانة اليمنية-الإماراتية، هي من أبرز الأسماء في الساحة الفنية العربية المعاصرة، وقد استطاعت أن تبني لنفسها مكانةً رفيعة بفضل موهبتها الفذّة وشخصيتها المميزة. وُلدت بلقيس في بيئة فنية، ما جعل الموسيقى جزءاً أساسياً من حياتها منذ نعومة أظفارها، وساهم في تشكّل وعيها وصقل موهبتها.

بلقيس فتحي هي نموذج الفنانة الشاملة التي نجحت في تجاوز التحديات الفنية والشخصية، لتكون مصدر إلهام للكثيرين من خلال فنّها واهتماماتها التجارية. هي مثال للقوة، الاستقلالية، والإصرار على النجاح في كل مجالات الحياة.

في هذا الحوار الذي أجرته بلقيس مع مجلة “لها”، نتعرّف على الكثير من أمور حياتها:

البدايات والإلهامات

ما الذي ألهمك لدخول مجال الفن؟

أتحدّر من عائلة فنية، فوالدي هو الفنان أحمد فتحي، وعمر مسيرته الفنية أكثر من أربعين سنة. لذا نشأت على حب الموسيقى والشغف بها، وكنت أعرف أن هذا هو طريقي من الأساس.

منذ البداية وحتى اليوم، ما الذي تغيّر في بلقيس؟

أمورٌ كثيرة تغيّرت في حياتي منذ البداية وحتى اليوم. أعتقد أن شخصيتي صُقلت أكثر، وزادت خبرتي في الحياة والفن، واختلفت طريقة تفكيري عن ذي قبل. كنت أتصرّف بحماسة مدفوعةً بعنفوان الشباب، أما اليوم فقد أصبحت أكثر عقلانيةً في اتخاذ القرارات. أي أن سعادتي لم تعُد محصورة بعدد الحفلات التي أحييها خلال السنة، بل باتت السعادة تكمن بأن أكون أنا وأهلي وابني في صحة جيدة وأن نعيش بسلام وننعم بالاستقرار النفسي والمادي.

ما أكبر التحديات التي واجهتك في مسيرتك الفنية؟

واجهت تحديات كثيرة في مسيرتي الفنية، أبرزها ندرة الأصوات النسائية في دول الخليج العربي، والنظرة الدونية الى الفنانة مهما علا شأنها. كما أنني وجدتُ نفسي أتأرجح بين جيلين: جيل عمالقة الفن، وجيل الشباب الصاعد. فرغم أنني دخلت مجال الفن منذ 13 سنة، هناك كثرٌ لا يعرفون بعدُ إلى أي جيل أنا أنتسب.

كيف توازنين بين حياتك الشخصية والفنية؟

نجحت في تحقيق التوازن بين حياتي الشخصية وعملي الفني، وخصوصاً في السنتين الأخيرتين. في البداية، كانت حياتي المهنية تطغى على حياتي الشخصية، مما عرّضني للكثير من المشاكل والإحراج. لذا قرّرت الفصل بينهما بحيث أكون في المنزل أمّاً تتفرّغ لتربية ابنها وتهتم بشؤون العائلة وتتحمّل كل المسؤوليات ولا تفكّر أبداً في الفن. أما خارج المنزل فأنا نجمة لامعة، ولها جمهورها الذي يحب أن يراها بأبهى صورة.

كيف ترين المنافسة بين الفنانات؟

المنافسة نوعان: شريفة وغير شريفة. في المنافسة الشريفة تحترم الفنانة نفسها وعملها وتسعى الى نجاح أكبر، أما المنافسة غير الشريفة فتحكمها الغيرة والأنانية. أنا شخصياً بعيدة كل البُعد عن هذا العالم، ولا أنافس إلا نفسي.

هل تشعرين أحياناً أنك بحاجة إلى تغيير أسلوبك الفني لمواكبة الاتجاهات الجديدة؟

طبعاً، الاتجاهات الفنية تختلف، وكذلك المزاج العام. مثلاً، منذ ثلاث أو أربع سنوات، كانت تستميلني أغنية مثل “انتهى”، التي تتحدّث عن الهجر وقوة المرأة والتمكين. أما اليوم فقد اتخذت هذه الأمور منحىً آخر بالنسبة إليّ. حتى أن مزاج المستمع العربي يتغير بحسب الأوضاع السياسية والاقتصادية. ففي فترة سابقة، شعرت بأن الناس يميلون أكثر إلى أغاني الفراق، أما اليوم فيستمعون بكثرة الى أغاني الحب. نعم، أنا أغيّر أسلوبي الفني بما يتماشى مع الاتجاهات الجديدة.

هل تتأثر حياتك الشخصية بشهرتك؟

لا، وكما قلت، أنا أفصل تماماً بين حياتي المهنية والشخصية، ولا أسمح بتداخل الاثنتين، وقد تعلّمت من أخطاء كثيرة سابقة. وإذا حصل ارتباط عاطفي أو زواج، أحرص على إبقاء الأمر طيّ الكتمان.

كيف تتعاملين مع الشائعات التي تطاولك؟

الشائعات شرٌ لا بد منه، وأي شخصية مشهورة لا بد من أن تدفع ضريبة الشهرة، كأن تتقبّل الشائعات ولا تتأثر بها. شخصياً، أتبع مقولة “أميتوا الباطل بالسكوت عنه”. فالأفضل أن نتجاهل الشائعة، لكنْ هناك كثرٌ يستجيبون للشائعات لكي يكونوا “تريند”. وأنا واثقة بأن كل مَن يعرفني عن قرب لا يمكن أن يصدّق أي كلام يُكتب عني. فأنا لا ألتفت الى الشائعات ومشغولة دائماً بأموري الخاصة وبتطوير أدائي الفني.

هل شعرتِ بخيبة أمل في مسيرتك الفنية؟

تعرّضت لخيبات أمل كثيرة في مسيرتي الفنية، من أشخاص لم يكونوا على قدر ثقتي بهم. كما صُدمت ببعض الأمور التي كنت أتوقع لها النجاح، لكنها باءت بالفشل. والعكس صحيح. هناك أشخاص وثقت بهم، واحترمتهم وأحببتهم وفي النهاية خذلوني. لكن دائماً أقول إن دوام الحال من المُحال، ومن الطبيعي أن أشعر أحياناً بالإحباط، وفي أحيان أخرى تغمرني السعادة.

كيف أثّرت الشهرة والنجومية في شخصيتك؟

الشهرة صقلت شخصيتي، وقوّتني وجعلتني إنسانة صبورة وعقلانية آخذ حقي بيدي. قبل الشهرة، كنت مندفعة وأتمتع بالبراءة والعفوية المطلقة. علماً أنه كلما تقدّمنا في السنّ، نتعلّم أكثر وتزيد خبرتنا في الحياة.

ممَ تخافين في الفن؟

للأمانة، لا شيء يُخيفني في الفن، ولا أرى أنني قد أواجه أمراً ما يمكن أن يخسّرني شهرتي ونجوميتي، لأنني متأكدة من أن تربيتي السليمة واحترامي لذاتي وللآخرين هما اللذان سيدومان، سواء بقيت الشهرة الفنية أو ذهبت.

بلقيس والأمومة

هل غيّرت الأمومة حياتك؟

بالتأكيد، الأمومة قلبت حياتي رأساً على عقب وجعلت مني امرأة أخرى، تشعر بأبناء الناس وتنظر إليهم بعين العطف. بتُّ أحسب جيداً كل خطوة أخطوها، وأفكّر بالخير لكي يرتدّ على ابني في المستقبل ويضع في طريقه أولاد الحلال. أنا أعمل لمستقبل طفلي، وأدعو الله أن يحميه هو وباقي الأطفال.

كيف تمضين وقتك مع طفلك؟

ابني خط أحمر، أحرص على تمضية الكثير من الوقت معه، نقرأ الكتب ونسافر معاً الى دول العالم، حيث نمارس الأنشطة الخاصة بالأطفال، كأن نزور حدائق الحيوانات، لأن ابني متيّم بها. كما نحفظ الحروف العربية، ونحضّر الطعام في المطبخ، وخصوصاً “الكيك”، فابني يحب أن يصبح “شيف” في المستقبل، وأنا أغذّي فيه هذه الموهبة.

هل تدعمك عائلتك كأم وفنانة؟

طبعاً، عائلتي تدعمني باستمرار وتساعدني في تربية ابني. فبوجود أمي وأختي أسافر بحكم عملي وأنا مرتاحة البال لأنني متأكدة أنه في أيدٍ أمينة. وبما أنني مقيمة في دبي، وأمي في أبو ظبي، يسافر ابني إليها في عطلة نهاية الأسبوع فترحّب به وتوليه اهتماماً كبيراً.

كيف تعوّضين لطفلك غيابك عنه؟

أحرص على تنظيم الوقت وإعطاء كل شيء حقه، وخصوصاً ابني، فمهما انشغلت عنه أو سافرت، فبالتأكيد فور عودتي الى المنزل سأعوّضه عن غيابي، وهو يعرف جيداً ذلك، كما أنني ألبّي كل احتياجاته.

ما الرسالة التي تودّين إيصالها الى الأمهات العاملات؟

أقول للمرأة العاملة: مهما فعلت، ومهما قدّمت من تضحيات، ستظلّين تشعرين بالذنب، لأنك ابتعدتِ عن طفلك بحكم انشغالك بالعمل. ومهما استجبتِ لغريزة الأمومة ستشعرين تجاهه بالتقصير. لكن لا تجعلي الإحساس بالذنب يسيطر عليك ويؤثر سلباً في عملك.

بلقيس في عالَمي الموضة والجمال

ما رأيك بجلسة التصوير مع دار Fendi؟ وهل تتشاركين بعض القيم والأساليب مع هذه الدار العريقة؟

جلسة التصوير كانت أكثر من رائعة، وغلبت عليها أجواء المرح والإيجابية. Fendi من العلامات المفضّلة لدي، وأحب زيارة بوتيكاتها بنفسي وانتقاء تصاميم معينة، كما أمتلك قطعاً مميزة جداً من هذه العلامة. أحب أسلوب الابتكار الخاص بالعلامة، خصوصاً لناحية تصاميم الفرو والتكنولوجيا التي يستخدمونها بها. إنها علامة شابة، حيوية وتشبهني كثيراً.

ما الذي ألهمك لتأسيس علامة BEX Beauty؟ وكيف بدأت الفكرة؟

وُلدت فكرة Bex Beauty منذ أربع سنوات، خلال انتشار جائحة ، حيث كانوا دائماً يسألونني عن كل مستحضرات التجميل التي أستخدمها لنفسي. فقلت في قرارة نفسي، بدلاً من أن أروّج لعلامات تجارية، لمَ لا أؤسّس علامة لي أتوجّه عبرها الى الفتاة العربية والخليجية بخاصة، للعناية بالبشرة المتنوعة! مثلاً، النجمة ريهانا أنشأت علامةFenty Beauty لذوات البشرة السمراء، لذا فكّرت في إطلاق علامة للفتيات والنساء في الجزيرة العربية ودول الخليج. وها هي اليوم تحقق نجاحاً كبيراً.

كيف تتابعين أحدث الاتجاهات في عالمَي الموضة والجمال، وكيف تؤثر هذه الاتجاهات في علامتك؟

أنا على اطّلاع دائم باتجاهات الجمال والموضة، واستلهم الكثير من عروض الأزياء التي أحضُرها، من الأفكار والألوان، والصيحات التي نراها على وسائل التواصل الاجتماعي. كل هذه الأمور تُلهم علامتي بشكل مباشر أو غير مباشر.

ما التحديات التي واجهتِها خلال تأسيس علامتك التجارية وإدارتها، وكيف تعاملت معها؟

أهم التحديات التي واجهتها عند تأسيس علامتي، هي ثقة العميلة. هناك منافسة قوية في السوق، وهناك علامات مهمة وصلت الى العالمية، بشكل منقطع النظير. فما الذي كان من الممكن أن تقدّمه Bex Beauty ولماذا الزبونة ستختار العلامة؟ هذا كان أهم وأكبر تحدٍّ واجهته كعلامة عربية: كيف أكسب ثقة الزبونة؟ وبالفعل اليوم، شيئاً فشيئاً، السمعة تنتشر واستخدام المستحضر يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما شكّل لي قاعدة جيدة جداً.

كيف ترين مفهوم الجمال الطبيعي في الوقت الحالي، وما هي رسالتك في هذا الصدد؟

مفهوم الجمال الطبيعي بالنسبة إليّ هو أن تحب المرأة نفسها، وأن تكون روحها مليئة بالحب والطاقة والحيوية، لأن هذا سينعكس على شكلها الخارجي. أنا أشجّع الجمال الطبيعي بقوة، وأرفض الخضوع لعمليات التجميل، ولا أحبّ المبالغة في استخدام البوتوكس والفيلر، خصوصاً وقد باتت غالبية النساء يشبهن بعضهنّ البعض. علينا أن نعمل على تطوير أنفسنا وتغذية عقولنا بالفكر، كما يجب أن نهتم ببشرتنا وشعرنا لأن ذلك سيؤثر إيجاباً في نفسيتنا.

هل تعتقدين أن العلامات التجارية الخاصة بالفنانات هي فقط وسيلة لجني الأرباح، أم أن هناك شغفاً حقيقياً وراء ذلك؟

بالنسبة الى الفنانات الأخريات، لا أعرف، وأنا أتكلم عن نفسي اليوم. العلامات التجارية ليست فقط وسيلة لجني الأرباح، بل هي ثمرة شغف بإنشاء خط للعناية بالبشرة وهو يسير بشكل رائع وسليم. عندما يكون هناك معرض، أقف لساعات طويلة، لكي أخدم عميلاتي وأراهنّ سعيدات.

ماذا تخطّطين لمستقبل علامتك التجارية؟

أخطّط لتوسيع علامتي التجارية في الوطن العربي. اليوم، نحن موجودون في المغرب واليمن ودبي، لكنني أحب التوسّع والانتشار في كل دول الخليج العربي. كما أطمح أن تصل علامتي Bex Beauty الى الجاليات العربية في الخارج، أي في أميركا وبريطانيا وكندا وفرنسا.

كيف يمكن أن تساهم BEX Beauty في تمكين النساء وتعزيز ثقتهن بأنفسهنّ؟

كما قلت، أنا كصاحبة العلامة ومؤسِّستها، أعتقد بأن الجمال الطبيعي أهم بكثير من التجميل. المنتجات التي أصنعها للنساء تساعدهن على التمتع بشعور أفضل. إنها مستحضرات طبيعية خالية من الغلوتين والمنتجات الحيوانية، ولا تُسبّب الحساسية للبشرة. ولأنني أشجّع الجمال الطبيعي، أؤكد أن هذه العلامة ستساعد في تمكين المرأة وتعزيز ثقتها بنفسها.

أخبار متعلقة :